👤

Obtenez des conseils d'experts et des connaissances communautaires sur FRstudy.me. Obtenez des réponses précises et détaillées à vos questions de la part de nos membres de la communauté bien informés et dévoués.

تحضير النص الشعري الرحلة الى الريف الثالتةاعدادي الافكار الاساسية


Sagot :

Fati20
يبدو الجانب الموسيقي في قصيدة (الرحيل إلى الريف) في حالة متوهّجة تحاول مواجهة نظام القصيدة القديمة والإيحائية، وتبرهن على جدوى حداثة تقوم على بنية متماسكة وليست كما يتهمها الخصوم مفككة ومتناثرة الأجزاء.

يربط حجازي أولا أطراف القصيدة بتفعيلة أساسية هي (مستفعلن) ثمّ تستحضر لازمة موسيقية تتكرر أربع مرّات، وكان يعود معها أثر نغم في ثلاثة أسطر بتفعيلاتها والرويّ المصاحب لها، وإن تكن اللازمة الأولى أقصر قليلا لأن تفاصيل القطار كانت واسعة في المقطع الأول:

«وأطلق القطار صيحة حزينه/ ترنح الضجيج في المدى/ ثمّ ارتمى سكينه»

والركن الثالث في التكوين الموسيقي هو التزام حرف رويّ تردد عدّة مرات مع القافية في المقاطع الثلاثة الأولى: «خطى خطى تتابعت خطى القطار/ تخترق النهار/ أمامنا لاسقف لاجدار/ أمامنا المدى/ مخضوضر في المغرب الشتويّ صافي الاخضرار» 

ثم يغيب في المقطع الرابع ويحلّ مكانه روي آخر في تردد له، وإذا تأملنا الموقف يبادرنا الدافع وهو أن الخطاب غدا حميميا بين الشاعر والأرض والطبيعة في صيغة الإنشاء ــ النداء: «أيتها الحقول يا نقيّة الألوان/ يا بيدر الطائر يا مرعى البهيم / يا لقمة الإنسان» 

وفي داخل هذا التكوين المتماسك في أجزائه وتوازنها في أركانها الهيكلية نجد حركة نشيطة لتنويعات ضمن التفعيلة الأساسية (مستفعلن، متفعلن مفتعلن) ولتفعيلة عاودت نهايات سطور عدّة وقوافيها هي (فعولن، فعول) وهكذا تحقق لهذا النهج الحداثي خطّان موسيقيّان الأول يعطي إيحاء الخطّ المتصل لسير القطار في التجربة، ومن ثمّ تأتي التنويعات الداخلية لتشكّل الخطّ الآخر، وكذلك أدّت اللازمة دلالة المحطّات التي يقف عندها هذا القطار المادي وذاك الذي يحرّك أحاسيس الشاعر وتأمّلاته بين مدينة غادرها وطبيعة أقبل عليها:«لكلّ شيء ههنا تاريخ/ كلّ مكان أسبل الجفن على زمان/ وههنا/ كلّ مكان يعرف الإنسان» وأضاف تكوين القافية إيحاء عبر صوت الموسيقا ذلك أن القوافي اقترن فيها حرف المدّ مع السكون وينطلق معهما النفس والنظر وتأمّل المسافر وتتوالى الاحتمالات والذكريات.

إن هذه القصيدة تعبّر عن جهد تواتر عند روّاد شعر التفعيلة في الحفاظ على موسيقا في إطار متبلور، لكن يسمح لتنويعات حرّة بداخله، و هذا التناغم بينهما هو ما يجعلنا نقول إنه حداثة غير منقطعة إذ التقطت النغمة (التفعيلة) من بحور الشعر وشكّلت لوحاتها المقروءة لدى من يحسّ بالتطور حوله وفي أحاسيسه.